للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[من خطباء العرب شبيب بن شيبة وخالد بن صفوان]]

قيل لبعض الأمراء: إن شبيب بن شيبة «١» يتعمّل الكلام ويستدعيه، فلو أمرته أن يصعد المنبر فجأة لافتضح؛ فأمر رسولا فأخذ بيده فصعد به المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على النبى صلى الله عليه وسلم ثم قال: إنّ لأمير المؤمنين أشبّاها أربعة: الأسد الخادر، والبحر الزاخر، والقمر الباهر، والربيع الناضر، فأما الأسد الخادر فأشبه صولته ومضاءه، وأما البحر الزاخر فأشبه جوده وعطاءه، وأما القمر الباهر فأشبه نوره وضياءه، وأما الربيع الناضر فأشبه حسنه وبهاءه، ثم نزل.

وهذا الكلام ينسب إلى ابن عباس يقوله فى على بن أبى طالب رضى الله عنهما.

وكان شبيب بن شيبة من أفصح الناس وأخطبهم، ويشبّه بخالد بن صفوان؛ غير أن خالدا كان أعلى منه قدرا فى الخاصة والعامة. وذكر خالد شبيبا فقال:

ليس له صديق فى السرّ ولا عدوّ فى العلانية. وكانت بينهما معارضة «٢» للنسب والجوار والصناعة، ولما قال الشاعر:

فنحّ شبيبا عن قراع كتيبة ... وأدن شبيبا من كلام ملفّق

وكان لا ينظر إليه أحد وهو يخطب إلا تبين فيه الخجل.

وقال أبو تمام لعلى بن الجهم:

لو كنت يوما بالنجوم مصدّقا ... لزعمت أنّك نلت شكل عطارد

أو قدّمتك السّنّ خلت بأنّه ... من لفظك اشتقّت بلاغة خالد

وقالت له امرأة: إنك لجميل يا أبا صفوان. قال: كيف تقولين هذا وما فىّ عمود الجمال ولا رداؤه، ولا برنسه. عموده الطول، ولست بطويل، ورداؤه

<<  <  ج: ص:  >  >>