للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال:

هل يدنينّى من فنائك سابح ... مرح وجائلة النّسوع أمون

ومهنّد فيه الفرند كأنه ... درّ له خلف الفرات كمين

غضب المضارب مقفرا من أعين ... لكنّه من أنفس مسكون

وأهدى الكندى إلى بعض إخوانه سيفا، فكتب إليه: «الحمد لله الذى خصّك بمنافع كمنافع ما أهديت، وجعلك تهتزّ للمكارم اهتزاز الصارم، وتمضى فى الأمور مضاء حدّه المأثور، وتصون عرضك بالإرفاد «١» ، كما تصان السيوف بالأغماد، ويطرد ماء الحياء فى صفحات خدّك المشوف، كما يشفّ الرونق فى صفائح السيوف، وتصقل شرفك بالعطيات، كما تصقل متون المشرفيّات.

[[وفد الشام بين يدى المنصور]]

قدم على أبى جعفر المنصور وفد من الشام بعد انهزام عبد الله بن على، وفيهم الحارث بن عبد الرحمن الغفارى، فتكلّم جماعة منهم، ثم قام الحارث فقال:

يا أمير المؤمنين؛ إنا لسنا وفد مباهاة، ولكنا وفد توبة استخفّت حليمنا؛ فنحن بما قدمنا معترفون، وبما سلف منّا معتذرون، فإن تعاقبنا فبما أجرمنا، وإن تعف عنا فطالما أحسنت إلى من أساء، فقال المنصور: أنت خطيب القوم، وردّ عليه ضياعه بالغوطة.

وقال رجل من أهل الشام للمنصور: يا أمير المؤمنين، من انتقم فقد شفى غيظه وانتصف، ومن عفا تفضّل، ومن أخذ حقّه لم يجب شكره ولم يذكر فضله، وكظم الغيظ حلم، والتشفّى طرف من الجزع، ولم يمدح أهل التقى والنهى من كان حليما بشدّة العقاب، ولكن بحسن الصفح والاغتفار وشدة التغافل،

<<  <  ج: ص:  >  >>