للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد عشت مبسوط اليدين مرزّأ ... وعوفيت عند الموت من ضغطة القبر

وأفلتّ من ضيق التراب وغمّه ... ولم تفقد الدنيا؛ فهل لك من شكر

فما تشتفى عيناى من دائم البكى ... عليك، ولو أنى بكيت إلى الحشر

فطوبى لمن يبكى أخاه مجاهرا ... ولكننى أبكى لفقدك فى ستر

[[كلام لا يحتمل الجواب]]

وكتب محمد بن كثير إلى هارون الرشيد:

يا أمير المؤمنين؛ لولا حظ كرم الفعل فى مطالع السؤال، لألهى المطل قلوب الشاكرين، ولصرف عيون الناظرين إلى حسن المحبة، فأىّ الحالين يبعد قولك عن مجاز فعلك؟

فقال هارون الرشيد: هذا الكلام لا يحتمل الجواب؛ إذ كان الإقرار به يمنع من الاحتجاج عليه.

[[تعجيل الإحسان]]

وقال يحيى بن أكثم للمأمون يذكر حاجة له قد وعده بقضائها، واغفل ذلك:

أنت يا أمير المؤمنين أكرم من أن نعرّض لك بالاستنجاز، ونقابلك بالادّكار، وأنت شاهدى على وعدك، وأن تأمر بشىء لم تتقدّم أيامه، ولا يقدر زمانه، ونحن أضعف من أن يستولى علينا صبر انتظار نعمتك، وأنت الذى لا يؤوده «١» إحسان، ولا يعجزه كرم؛ فعجّل لنا يا أمير المؤمنين ما يزيدك كرما، وتزداد به نعما، ونتلقّاه بالشكر الدائم.

فاستحسن المأمون هذا الكلام، وأمر بقضاء حاجته.

قدم على المأمون رجل من أبناء الدهاقين وعظمائهم، من أهل الشام، على عدة سلفت له من المأمون «٢» ، من توليته بلده، وأن يضمّ إليه مملكته، فطال على

<<  <  ج: ص:  >  >>