للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنجواه، يتشابه حالاه، ويتضارع قطراه، من حيث تلقاه يستنير، ومن حيث تنساه يستدير.

[[هرب من الوباء]]

وقع بالكوفة وباء، فخرج الناس وتفرّقوا بالنجف، فكتب شريح إلى صديق له خرج بخروج الناس: أما بعد، فإنك بالمكان الذى أنت فيه بعين من لا يعجزه هرب، ولا يفوته طلب؛ وإنّ المكان الذى خلّفت لا يعجّل لأحد حمامه «١» ، ولا يظلمه أيّامه، وإنا وإياك لعلى بساط واحد، وإن النجف من ذى قدرة لقريب.

وهرب أعرابى ليلا على حمار حذارا من الطاعون، فبينما هو سائر إذ سمع قائلا يقول:

لن يسبق الله على حمار ... ولا على ذى ميعة طيّار

أو يأتى الحتف على مقدار ... قد يصبح الله أمام السارى «٢»

فكرّ راجعا، وقال: إذا كان الله أمام السارى فلات حين مهرب.

[[قتيل الحب]]

قال الأصمعى: أخبرنى يونس بن حبيب قال: أتى قوم إلى ابن عباس بفتى محمول ضعفا، فقالوا: استشف لهذا الغلام، فنظر إلى فتى حلو الوجه، عارى العظام؛ فقال له: ما بك؟ فقال:

بنا من جوى الشوق المبرّح لوعة ... تكاد لها نفس الشفيق تذوب «٣»

ولكنما أبقى حشاشة ما نرى ... على ما به عود هناك صليب «٤»

فقال ابن عبّاس: أرأيتم وجها أعتق، ولسانا أذلق، وعودا أصلب، وهوى أغلب، مما رأيتم اليوم؟ هذا قتيل الحبّ، لا قود ولادية!

<<  <  ج: ص:  >  >>