للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لشبهة؛ وهذا يسير من كثير، لو قصدنا لتفصيله، لأنفدنا الزمان قبل تحصيله، ثم كان قصدنا الوقوف دون الغاية منه وله إلى عبيد الله بن يحيى: يقطعنى عن الأخذ بحظّى من لقائك، وتعريفك ما أنا عليه عن شكر إنعامك، وإفرادى إياك بالتأميل دون غيرك، نخلفى عن منزلة الخاصّة، ورغبتى عن الحلول محلّ العامة، وأنى لست معتادا للخدمة ولا الملازمة، ولا قويّا على المغاداة والمراوحة؛ فلا يمنعك ارتفاع قدرك، وعلو أمرك، وما تعانيه من جلائل الأحوال الشاغلة، من أن تتطوّل بتجديد ذكرى، والإصغاء إلى من يحضّك على وصلى وبرّى، ويزغبك في إسداء حسن الصنيعة عندى.

وله إليه آخر فصل من كتاب: وأنا أسأل الله الذى رحم العباد بك، على حين افتقار منهم إليك، أن يعيذهم من فقدك، ولا يعبدهم إلى المكاره التي استنقذتهم منها بيدك.

[[بعض ما يبعث على الرحيل]]

ولقى رجل رجلا خارجا من مصر يريد المغرب، فقال: يا أخى؛ أتتّبع القطر، وتدع مجرى السيول؟ فقال: أخرجنى من مصر حقّ مضاع، وشحّ مطاع، وإقتار الكريم، وحركة اللئيم، وتغيّر الصديق، بين السعة والضّيق، والهرب إلى النّزر بالعز، خير من طلب الوفر بذلّ العجز.

[[من الوصايا لمن اعتزم السفر]]

وأوصى بعض الحكماء صديقا له، وقد أراد سفرا، فقال: إنك تدخل بلدا لا يعرفك أهله؛ فتمسّك بوصيتى تنفق بها فيه: عليك بحسن الشمائل فإنها تدلّ على الحرية؛ ونقاء الأطراف فإنها تشهد بالملوكية؛ ونظافة البرّة فإنها تنبىء عن النّشء في النّعمة؛ وطيب الرائحة فإنها تظهر المروءة، والأدب الجميل فإنه يكسب المحبة، وليكن عقلك دون دينك، وقولك دون فعلك، ولباسك دون

<<  <  ج: ص:  >  >>