للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتب إلى بعض الرؤساه:

قد جرت العادة- أطال الله بقاء الأمير! - بالتمهيد للحاجة قبل موردها، وإسلاف الظنون الداعية إلى نجاحها، وسالك هذه السبيل يسىء الظن بالمسئول، فهو لا يلتمس فضله إلّا جزاء، ولا يستدعى طوله إلّا قضاء؛ والأمير بكرمه الغريب، ومذهبه البديع، يؤثر أن يكون السلف له، والابتداء منه، ويوجب للمهاجم برغبته عليه حقّ الثقة به منه، والحمد لله الذى أفرده بالطرائق الشريفة، وتوحّده «١» بالخلائق المنيفة، وجعله عين زمانه البصيرة، ولمعته الثاقبة المنيرة «٢» .

[[من رسائل البديع]]

وكتب البديع فى بابه إلى بعض أصحابه:

لك أعزّك الله عادة فضل، فى كل فضل، ولنا شبه مقت، فى كل وقت؛ ولعمرى إن ذا الحاجة مقيت الطّلعة، ثقيل الوطأة، ولكن ليسوا سواء [؛ أولو «٣» حاجة تحتاج إليهم الأموال، وأولو حاجة تحوجهم الآمال.

والأمير أبو تمام عبد السلام بن الفضل «٤» المطيع لله أمير المؤمنين- أيده الله- إن أحوجه الزمان فطالما خدمه، وإن أهانه فكثيرا ما أكرمه ونعّمه. وقديما أقلّه السرير، وعرفه الخورنق والسدير. وإن نقصه المال فالعرض وافر، وإن جفاه الملك فالفضل ظاهر، وإن ابتلاه الله فليبتليكم به فينظر كيف تفعلون.

وأنت تقابل مورده عليك من الإعظام، بما يستحقّ من الإكرام، فلا تنظرن إلى ثوب بال، فتحته شرف عال، ولا تقس على البرد، ما وراءه من المجد، ولكن إن نظرت ففى شامخ أصله، وراسخ عقله، وشهادة الفراسة له. ثم ليأت بعد هذه الآيات ما هو قضية المروءة معه، والأخوة معى، بالغا فى ذلك غاية جهده، والسّيف لا يرى فى غمده، والحمد لله حق حمده.

<<  <  ج: ص:  >  >>