للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض الكتاب: السكين مسّ الأقلام يشحذها إذا كلت، ويصقلها إذا نبت، ويطلقها إذا وقفت، ويلمّها إذا شعثت، وأحسنها ما عرض صدره، وأرهف حدّه، ولم يفصل على القبضة نصابه.

وقال أبو الفتح كشاجم يرثى سكينا سرقت له:

يا قاتل الله كتّاب الدواوين ... ما يستحلّون من أخذ السكاكين

لقد دهانى لطيف منهم ختل ... فى ذات حدّ كحدّ السيف مسنون

فأقفرت بعد عمران بموقعها ... منها دواة فتى بالكتب مفتون

تبكى على مدية أودى الزمان بها ... كانت على جائر الأقلام تعدينى

كانت تقدّم أقلامى وتنحتها ... نحتا وتسخطها بريا فترضينى

وأضحك الطرس والقرطاس عن حلل ... ينوب للعين من نور البساتين

فإن قشرت بها سوداء من صحفى ... عادت كبعض خدود الخرّد العين

جزع النصاب لطيفات شعائرها ... محسّنات بأصناف التّحاسين

هيفاء مرهفة بيضاء مذهبة ... قال الإله لها سبحانه: كونى

لكن مقطّى أمسى شامتا جذلا ... وكان في ذلّة منها وفي هون

فصين حتى يضاهى في صيانته ... جاهى لصونيه عمّن لا يدانينى

ولست عنها بسال ما حييت، ولا ... بواجد عوضا منها يسلينى

ولو يردّ فداء ما فجعت به ... منها فديناه بالدنيا وبالدين

[ألفاظ لأهل العصر في صفات السكاكين]

سكّين كأنّ القدر سائقها، أو الأجل سابقها، مرهفة الصّدر، مخطفه الخصر، يجول عليها فرند العتق، ويموج فيها ماء الجوهر؛ كأنّ المنية تبرق من حدّها، والأجل يلمع من متنها، ركّبت في نصاب آبنوس، كأنّ الحدق نفضت

<<  <  ج: ص:  >  >>