التّقريب «١» إلا بعد الرياضة، وكان كالمهر الذى أطمع أوّل رياضته في تمام ثقافته.
وقال الجمّال: البليغ من أخذ بخطام كلامه، فأناخه في مبرك المعنى، ثم جعل الاختصار له عقالا، والإيجاز له مجالا، فلم يندّ عن الآذان، ولم يشذ عن الأذهان.
وقال المخنّث: خير الكلام ما تكسّرت أطرافه، وتثنّت أعطافه، وكان لفظه حلّة، ومعناه حلية.
وقال الخمار: أبلغ الكلام ما طبخته مراجل العلم، وصفّاه راووق الفهم، وضمّته دنان الحكمة، فتمشّت في المفاصل عذوبته، وفي الأفكار رقّته، وفي العقول حدّته.
وقال الفقاعى: خير الكلام ما روّحت ألفاظه غباوة الشكّ، ورفعت رقّته فظاظة الجهل، فطاب حساء فطنته، وعذب مصّ جرعه.
وقال الطبيب: خير الكلام ما إذا باشر [دواء] بيانه سقم الشّبهة استطلقت طبيعة الغباوة؛ فشفى من سوء التفهم، وأورث صحة التوهّم.
وقال الكحّال: كما أن الرمد قذى الأبصار، فكذا الشبهة قذى البصائر، فاكحل عين اللكنة بميل البلاغة، واجل رمص الغفلة «٢» بمرود اليقظة.
ثم قال: أجمعوا كلهم على أن أبلغ الكلام ما إذا أشرقت شمسه، انكشف لبسه، وإذا صدقت أنواؤه «٣» اخضرت أحماؤه «٤» .
[فقر في وصف البلاغة لغير واحد]
قال أعرابى: البلاغة التقرب من البعيد، والتباعد من الكلفة، والدلالة بقليل على كثير.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute