للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[العجلة أمّ الندامة]

قال بعض الحكماء: إياك والعجلة فإنّ العرب كانت تكنيها امّ الندامة؛ لأنّ صاحبها يقول قبل أن يعلم، ويجيب قبل أن يفهم، ويعزم قبل أن يفكّر، ويقطع قبل أن يقدّر، ويحمد قبل أن يجرّب، ويذمّ قبل أن يخبر، ولن يصحب هذه الصفة أحد إلّا صحب الندامة، واعتزل السلامة.

[[تأميل ورجاء]]

ولما ولّى المهتدى «١» سليمان بن وهب وزارته قام إليه رجل من ذوى حرمته، فقال: أعزّ الله الوزير؛ أنا خادمك المؤمّل لدولتك، السعيد بأيامك، المنطوى القلب على ودّك، المنشور اللسان بمدحك، المرتهن بشكر نعمتك، وقد قال الشاعر:

وفيت كل صديق ودّنى ثمنا ... إلا المؤمل دولاتى وأيّامى

فإننى ضامن ألّا أكافئه ... إلا بتسويغه فضلى وإنعامى

وإنى لكما قال القيسى: ما زلت أمتطى النهار إليك، وأستدلّ بفضلك عليك، حق إذا جنّنى الليل فغضّ البصر، ومحا الأثر، أقام بدنى، وسافر أملى، والاجتهاد عذر، فإذا بلغتك فقد «٢» . قال سليمان: لا عليك؛ فإنى عارف بوسيلتك، محتاج إلى كفايتك واصطناعك، ولست أؤخر عن يومى هذا تولينك ما يحسن عليك أثره، ويطيب لك خبره، إن شاء الله.

وكتب محمد بن عباد إلى أبى الفضل جعفر بن محمود الإسكافى وزير المعتز بالله وكان المعتز يختصّ به، ويتقرّب إليه قبل الوزارة: ما زلت- أيدك الله تعالى- أذم الدهر بذمّك إياه، وأنتظر لنفسى ولك عقباه، وأتمنى زوال حال من لا ذنب له

<<  <  ج: ص:  >  >>