للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو حنيفة النعمان- رضي الله عنه- بن ثابت، سبق أهل العراق في الفقه. والخليل بن أحمد الفرهودى، ويقال: الفراهيدى، منسوب إلى حىّ من الأزد، اليحمرى.

والكسائى: على بن حمزة الكوفى.

[[من ابن العميد إلى بعض إخوانه]]

وكتب أبو الفضل محمد بن العميد إلى بعض إخوانه:

أنا أشكو إليك- جعلنى الله فداك- دهرا خؤونا غدورا، وزمانا خدوعا غرورا، لا يمنح ما يمنح إلا ريث ما ينتزع، ولا يبقى فيما يهب إلا ريث ما يرتجع، يبدو خيره لمعا ثم ينقطع، ويحلو ماؤه جرعا ثم يمتنع. وكانت منه شيمة مألوفة، وسجيّة معروفة، أن يشفع ما يبرمه بقرب انتقاض، ويهدى لما يبسطه وشك انقباض، وكنا نلبسه على ما شرط، وإن خان وقسط؛ ونرضى على الرغم بحكمه، ونستئمّ بقصده وظلمه، ونعتدّ من أسباب المسرة ألّا يجىء محذوره مصمتا بلا انفراج، ولا يأتى مكروهه صرفا بلا مزاج، ونتعلّل بما نختلسه من غفلاته، ونسترقه من ساعاته.

وقد استحدث غير ما عرفناه سنّة مبتدعة، وشريعة متّبعة، وأعدّ لكل صالحة من الفساد حالا، وقرن بكلّ خلّة من المكروه خلالا. وبيان ذلك- جعلنى الله فداك- أنه كان يقنع من معارضته الإلفين، بتفريق ذات البين، فقد أنثنى ممنوّا فيك بجميع ما أوغره، وما أطويه من البلوى منك أكثر مما أنشره، وأحسبنى قد ظلمت الدهر بسوء الثناء عليه، وألزمته جرما لم يكن قدره بما يحيط به، وقدرته ترتقى إليه، ولو أنك أعنته وظاهرته، وقصدت صرفه وآزرته، وبعتنى بيع الخلق وليس فيمن زاد ولكن فيمن نقص، ثم أعرضت عنى إعراض غير مراجع، واطّرحتنى اطراح غير مجامل؛ فهلّا وجدت نفسك أهلا للجميل حين لم تجدنى هناك، وأنفذت من جلّ ما عقدت من غير جريمة، ونكثت ما عهدت من غير جريرة، فأجبنى عن واحدة منهما؛ ما هذا التّغالى بنفسك،

<<  <  ج: ص:  >  >>