للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[من أخبار العباس بن الأحنف]]

وقال بشار بن برد: ما زال فتى من بنى حنيفة يدخل نفسه فينا ويخرجها منا حتى قال:

نزف البكاء دموع عينك فاستعر ... عينا لغيرك دمعها مدرار

من ذا يعيرك عينه تبكى بها ... أرأيت عينا للبكاء تعار؟!

قال: وهذا الذى عناه بشار هو أبو الفضل العباس بن الأحنف بن طلحة ابن هرون بن كلدة بن خزيم بن شهاب [بن سالم] بن حبة بن كليب بن عدى ابن عبد الله بن حنيفة، وكان كما قال بعض من وصفه: كان أحسن خلق الله إذا حدّث حديثا، وأحسنهم إذا حدث استماعا، وأمسكهم عن ملاحاة إذا خولف، وكان ملوكى المذهب، ظاهر النّعمة، حسن الهيئة، وكانت فيه آلات الظّرف، كان جميل الوجه، فاره المركب، نظيف الثّوب، حسن الألفاظ، كثير النوادر، رطيب الحديث، باقيا على الشراب، كثير المساعدة، شديد الاحتمال، ولم يكن هجّاء، ولا مدّاحا، كان يتنزّه عن ذلك، ويشبّه من المتقدمين بعمر بن أبى ربيعة.

وسئل أبو نواس عن العباس وقد ضمّهما مجلس فقال: هو أرق من الوهم، وأحسن من الفهم.

وكان أبو الهذيل العلاف المعتزلى إذا ذكره لعنه وزنّاه لأجل قوله:

وضعت خدّى لأدنى من يطيف بكم ... حتى احتقرت وما مثلى بمحتقر «١»

إذا أردت انتصارا كان ناصركم ... قلبى، وما أنا من قلبى بمنتصر

فأكثروا أو أقلّوا من ملامكم ... فكلّ ذلك محمول على القدر

<<  <  ج: ص:  >  >>