للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فقر فى تهوين العلة بحسن الرجاء، وذكر المشاركة والاهتمام بحلولها والاستبشار بزوالها]

إن الذى بلغنى من ضعفه قد أضعف المنّة، وإن لم يضعف الظنّ بالله والثّقة. قد استشفّ العافية من ثوب رقيق. ما أكثر ما رأينا هذه العلل حلّت ثم تجلّت وتوالت ثم تولّت. خبّرنى فلان بعلّتك فأشركنى فيها ألما وقلقا، فلا أعلّ الله لك جسما ولا حالا، فليست نكاية الشغل فى قلبى بأقلّ من نكاية الشكاية فى جسمك، ولا استيلاء القلق على نفسى بأيسر من اعتراض السّقم لبدنك، ومن ذا الذى يصحّ جسمه إذا تألمت إحدى يديه، ومن يحل محلّها فى القرب إليه؟ أنا منزعج لشكاتك، مبتهج بمعافاتك، إن كانت علّتك قد قرحت وجرحت، فإنّ صحتك قد آست وآنست «١» . بلغتنى شكاتك فارتعت، ثم عرفت خفّتها فارتحت. الحمد لله على قرب المدة بين المحنة والمنحة، والنقمة والنعمة، وعلى أنّا لم نتهالك بأيدى المخافة حتى تدارك بحسن الرأفة، ولم نستسلم لخطّة الحذر حتى سلم من ورطة القدر.

[ولهم فى شكاة أهل الفضل والسؤود]

شكاته التى تتألّم منها المروءة والفضل. ويسقم منها الكرم المحض.

شكاته التى غصّت بها حلوق المجد، وحرجت لها صدور أهل الأدب والعلم «٢» ، وبدا الشحوب معها على وجه الحرية، وحرم معها البشر على غرّة المروءة. قد اعتلّ بعلّته الكرم، وشكا بشكايته السيف والقلم. شكاة عرضت منه لشخص الكرم الغضّ، والشرف المحض. لو قبلت مهجتى فدية، دون وعكة تجدها،

<<  <  ج: ص:  >  >>