للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن المعتز:

إذا ما أراد الحاسدون انهدامه ... بناه إله غالب العزّ قاهره

وماذا يريد الحاسدون من امرىء ... تزينهم أخلاقه ومآثره

إذا ما هو استغنى اهتدى لافتقارهم ... ولا تهتدى يوما إليهم مفاقره

وكانوا كرام كوكبا ببصاقه ... فردّ عليهم وبله ومواطره

وهذا البيت كما قال بعض العرب في إحدى الروايات:

رمانى بأمر كنت منه ووالدى ... بريّا ومن جال الطّوىّ رمانى

الجول والجال: الناحية، والطوىّ: البئر؛ يريد رمانى بما عاد عليه، والرواية المشهورة: ومن أجل الطّوىّ، فعلى هذا تسقط المناسبة بينه وبين قول ابن المعتز.

[[الأصمعى وبعض الأعراب]]

قال بعض الرواة: كنا مع أبى نصر راوية الأصمعى في رياض من المذاكرة نجتنى ثمارها، ونجتلى أنوارها، إلى أن أفضنا في ذكر أبى سعيد عبد الملك بن قريب الأصمعى؛ فقال: رحم الله الأصمعىّ! إنه لمعدن حكم، وبحر علم، غير أنه لم نرقطّ مثل أعرابى وقف بنا فسلّم، فقال: أيكم الأصمعى؟ فقال:

أنا ذاك، فقال: أتأذنون بالجلوس؟ فأذنّا له، وعجبنا من حسن أدبه مع جفاء أدب الأعراب.

قال: يا أصمعى، أنت الذى يزعم هؤلاء النّفر أنك أثقبهم معرفة بالشعر والعربية، وحكايات الأعراب؟ قال الأصمعى: فيهم من هو أعلم منى، ومن هو دونى، قال: تنشدوننى من بعض شعر أهل الحضر حتى أقيسه على شعر أصحابنا؟ فأنشده شعرا لرجل امتدح به مسلمة بن عبد الملك:

أمسلم أنت البحر إن جاء وارد ... وليث إذا ما الحرب طار عقابها

وأنت كيف الهند وانىّ إن غدت ... حوادث من حرب يعبّ عبابها

وما خلقت أكرومة في امرىء له ... ولا غاية إلّا إليك مآبها

<<  <  ج: ص:  >  >>