للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل النبوّة والخلا ... فة والكمال برغم لاحى

يتألّمون من الصّدو ... د ويصبرون على الجراح

[[بين ابن خاقان وأبى العيناء]]

حمل محمد بن عبيد الله بن خافان أبا العيناء على دابّة زعم أنها غير فاره «١» ، فكتب إليه: أعلم الوزير، أعزه الله، أن أبا على محمدا أراد أن يبرّنى فعقّنى، وأن يركبنى فأرجلنى، أمر لى بدابّة تقف للنّبرة «٢» ، وتعثر بالبعرة، كالقضيب اليابس عجفا «٣» ؛ وكالعاشق المهجور دنفا، قد أذكرت الرواة عذرة العذرىّ، والمجنون العامرى، مساعد أعلاه لأسفله، حباقه مقرون بسعاله، فلو أمسك لترجيت، ولو أفرد لتعزّيت، ولكنه يجمعهما في الطريق المعمور، والمجلس المشهور، كأنه خطيب مرشد، أو شاعر منشد، تضحك من فعله النّسوان، وتتناغى من أجله الصّبيان؛ فمن صائح يصيح: داوه بالطباشير، ومن قائل يقول: نوّله الشعير، قد حفظ الأشعار، وروى الأخبار، ولحق العلماء في الأمصار، فلو أعين بنطق؛ لروى بحقّ وصدق، عن جابر الجعفىّ، وعامر الشّعبى؛ وإنما أتيت من كاتبه الأعور، الذى إذا اختار لنفسه أطاب وأكثر، وإن اختار لغيره أخبث وأنزر؛ فإن رأى الوزير أن يبدّلنى به، ويريحنى منه بمركوب يضحكنى كما ضحّك منى، يمحو بحسنه وفراهته، ما سطّره العيب بقبحه ودمامته؛ ولست أذكر أمر سرجه ولجامه؛ فإن الوزير أكرم من أن يسلب ما يهديه، أو ينقض ما يمضيه.

فوجّه عبيد الله إليه برذونا من براذينه بسرجه ولجامه، ثم اجتمع مع محمد ابن عبيد الله عند أبيه، فقال عبيد الله: شكوت دابّة محمد، وقد أخبرنى الآن أنه يشتريه منك بمائة دينار، وما هذا ثمنه لا يشتكى.

<<  <  ج: ص:  >  >>