للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[من تبطره النعمة لم يؤسف على زوالها عنه]]

قال أبو العيناء: كان عيسى بن فرخان شاه يتيه علىّ في ولايته الوزارة، فلما صرف رهبنى، فلقينى فسلّم علىّ فأحفى. فقلت لغلامى: من هذا؟ قال:

أبو موسى؛ فدنوت منه وقلت: أعزّك الله، والله لقد كنت أقنع بإيمائك دون بيانك، وبلحظك دون لفظك، فالحمد لله على ما آلت إليه حالك، فلئن كانت أخطأت فيك النّعمة، فلقد أصابت فيك النّقمة، ولئن كانت الدنيا أبدت مقابحها بالإقبال عليك، لقد أظهرت محاسنها بالانصراف عنك، ولله المّنة إذ أغنانا عن الكذب عليك، ونزّهنا عن قول الزّور فيك، فقد والله أسأت حمل النّعم، وما شكرت حق المنعم، فقيل له: يا أبا عبد الله؛ لقد بالغت في السبّ، فما كان الذنب؟ قال: سألته حاجة أقل من قيمته، فردّ عنها بأقبح من خلقته.

وقال علىّ بن العباس الرومى لأبى الصقر إسماعيل بن بلبل لما نكبه الموفق ابن أحمد وألمّ في بعض قوله بقول أبى العيناء:

لا زال يومك عبرة لعدك ... وبكت بشجو عين ذى حسدك

فلئن نكبت لطالما نكبت ... بك همة لجأت إلى سندك

لو تسجد الأيام ما سجدت ... إلّا ليوم فتّ في عضدك

يا نعمة ولّت غضارتها ... ما كان أقبح حسنها بيدك

فلقد غدت بردا على كبدى ... لمّا غدت حرّا على كبدك

ورأيت نعمى الله زائدة ... لما استبان النّقص في عددك

ولقد تمنّت كل صاعقة ... لو أنها صبّت على كتدك «١»

لم يبق لى مما يرى جسدى ... إلّا بقاء الرّوح في جسدك

<<  <  ج: ص:  >  >>