للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قل: «أما بعد، فإنّ فى الصلح بقاء الآجال، وحفظ الأموال، والسلام» .

فلما سمع القوم هذا الكلام تعانقوا وتواهبوا التّرات «١»

[[أبو مسلم]]

قال عبد الله بن مسعود «٢» : لما أمر أبو مسلم بمحاربة عبد الله بن على «٣» دخلت عليه فقلت: «أيها الأمير، تريد عظيما من الأمر» ؟ قال: وما هو؟ قلت: عم أمير المؤمنين وهو شيخ قومه، مع نجدة، وبأس، وحزم، وحسن سياسة.

فقال لى: يا بن شبرمة، أنت بحديث تعلم معانيه، وشعر توضح قوافيه، أعلم منك بالحرب؛ إن هذه دولة قد اطردت أعلامها، وامتدت أيامها، فليس لمناوئها والطامع فيها يد تنيله شيئا من الوثوب عليها، فإذا ولّت أيامها فدع الوزغ بذنبه فيها.

قال بعض حكماء خراسان: لما بلغنى خروج أبى مسلم أتيت عسكره لأنظر إلى تدبيره وهيبته، فأقمت فيه أياما، فبلغنى عنه شدة عجب، وكبر ظاهر، فظننت أنه تحلّى بذلك لعىّ فيه أراد أن يستره بالصّمت، فتوصّلت إليه بحيث أسمع كلامه، وأغيب عن بصره، فسلمت فردّ ردا جميلا، وأمر بإدخال قوم يريد تنفيذهم فى وجه من الوجوه، وقد عقدوا لرجل منهم لواء، فنظر إليهم ساعة متأمّلا لهم، وقال: افهموا عنى وصيّتى إياكم؛ فإنها أجدى عليكم من أكثر تدبيركم، وبالله توفيقكم. قالوا: نعم أيها السالار، ومعناه السيد بالفارسية، فسمعته يقول، ومترجم يحكى كلامه بالفارسية لمن عبّر له منهم بالعربية: «أشعروا قلوبكم الجرأة فإنها سبب الظّفر، وأكثروا ذكر الضغائن فإنها تبعث على الإقدام، والزموا الطاعة فإنها حصن المحارب، وعليكم بعصبيّة الأشراف، ودعوا عصبية الدناءة؛ فإن الأشراف تظهر بأفعالها، والدناءة بأقوالها» .

<<  <  ج: ص:  >  >>