للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الفضل بن عيسى الرّقاشى: سل الأرض من غرس أشجارك، وشقّ أنهارك، وجنى ثمارك، فإن لم تجبك حوارا، أجابتك اعتبارا.

وهذا شبيه بقول عدىّ بن زيد، وقد نزل النعمان بن المنذر تحت سرحة «١» ؛ فقال: أتدرى ما تقول هذه السّرحة أيها الملك؟ قال: وما تقول؟ قال: تقول:

ربّ ركب قد أناخوا حولنا ... يشربون الخمر بالماء الزّلال

ثم أضحوا لعب الدّهر بهم ... وكذاك الدّهر حالا بعد حال

ويروى «عكف الدّهر بهم فثووا «٢» » . فتكدّر حال النّممان وما كان فيه من لذّة.

[ألفاظ لأهل العصر في الشكر بدلالة الحال]

لو سكت الشّاكر لنطقت المآثر. لو صمت المخاطب لأثنت الحقائب، ولشهدت شواهد حاله على صدق مقاله. إن جحدت ما أولانيه، وكفرت ما أعطانيه، نطقت آثار أياديه علىّ، ولمعت أعلام عوارفه «٣» لدىّ.

ولأبى الفضل الميكالى من رسالة: ورد فلان فتعاطى من شكره على نعمه التى ألبسه جمالها، وأسحبه أذيالها، ما لو لم يتحدّث به ناشرا ومثنيا، ومعيدا ومبديا، لأثنت به حاله، وشهدت به رحاله، حتى لقد امتلأت بذكره المحافل، وسارت بحبره الرّكبان والقوافل، وصارت الألسنة على الشكر والثناء لسانا، والجماعة على النّشر والدعاء أنصارا وأعوانا، على أنه وإن بالغ في هذا الباب، وجاوز حدّ الإكثار والإسهاب، نهايته القصور دون واجبه، والسقوط عن أدنى درجاته ومراتبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>