للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما ألم أبو العتاهية في قوله «إنّ المطايا تشتكيك ... وما يليه» بقول أبى الحجناء نصيب الأكبر:

فعاجوا فأثنوا بالذى أنت أهله ... ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب

وقال أبو الطيب في أبى العشائر الحمدانى:

تنشد أثوابنا مدائحه ... بألسن مالهنّ أفواه

إذا مررنا على الأصمّ بها ... أغنته عن مسمعيه عيناه

وهذا المعنى من النّصبة «١» الدالة بذاتها التي ذكرتها عن الجاحظ في أقسام البيان.

وقال بعض الخطباء: أشهد أن في السموات والأرض آيات ودلالات، وشواهد قائمات؛ كلّ يؤدى عنك الحجّة، ويشهد لك بالربوبية.

ونظير هذا قول أبى العتاهية، وروى أنه جلس في دكان ورّاق، وأخذ كتابا فكتب على ظهره:

فواعجبا كيف يعصى الملي ... ك أم كيف يجحده الجاحد

ولله في كلّ تحريكة ... وتسكينة في الورى شاهد

وفي كلّ شىء له آية ... تدلّ على أنّه واحد

وانصرف، فاجتاز أبو نواس بالموضع فرأى الأبيات، فقال: لمن هذا؟

فلوددتها لى بجميع شعرى، فقيل: لإسماعيل بن القاسم، فوقع تحتها:

سبحان من خلق الخلق من ضعيف مهين

فصاغه من قرار ... إلى قرار مكين

يحول شيئا فشيئا ... فى الحجب دون العيون «٢»

حتى بدت حركات ... مخلوقة من سكون

<<  <  ج: ص:  >  >>