للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها: وأمّا الوديعة فهى بمنزلة شىء انتقل من يمينك إلى شمالك، عناية بها، وحياطة عليها، ورعاية لمودتك فيها. ثم أقبل عبيد الله يعجب من حسن ما وقع له من هذا، وقال: تسميتى لها بالوديعة نصف البلاغة، فقال عبيد الله:

ما أقبح هذا! تفاءلت لامرأة زفّت إلى صاحبها بالوديعة، والوديعة مستردة.

وقولك «من يمينك إلى شمالك أقبح» لأنك جعلت أباها اليمين وأمير المؤمنين الشمال، ولو قلت: «وأما الهدية فقد حسن موقعها منّا، وجلّ خطرها عندنا؛ وهى وإن بعدت عنك، بمنزلة من قربت منك؛ لتفقّد نالها، وأنسنابها، ولسرورها بما وردت عليه، واغتباطها بما صارت إليه» لكان أحسن، فنفذ الكتاب.

وكانت قطر الندى مع جمالها موصوفة بفضل العقل، خلا بها المعتضد يوما للأنس بها فى مجلس أفرده لم يحضره غيرها، فأخذت منه الكأس، فنام على فخذها، فلما استثقل «١» وضعت رأسه على وسادة، وخرجت فجلست فى ساحة القصر على باب المجلس، فاستيقظ فلم يجدها، فاستشاط غضبا «٢» ، ونادى بها فأجابته على قرب، فقال: ما هذا؟ أخليتك إكراما لك، ودفعت إليك مهجتى دون سائر حظاياى، فتضعين رأسى على وسادة! فقالت: يا أمير المؤمنين، ما جهلت قدر ما أنعمت به علىّ، وأحسنت فيه إلىّ، ولكن فيما أدّبنى به أبى أن قال لى:

لا تنامى مع الجلوس، ولا تجلسى بين النيام.

[[رجع إلى الرثاء]]

وفى أبى الحسين بن ثوابة يقول ابن المعتز يرثيه:

ليس شىء لصحّة ودوام ... علب الدهر حيلة الأقوام

وتولّى أبو الحسين حميدا ... فعلى روحه سلام السلام

<<  <  ج: ص:  >  >>