للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخذ أبو الطيب المتنبى آخر كلام أبى العيناء فقال:

قد شرف الله دنيا أنت ساكنها ... وشرّف الناس إذ سوّاك إنسانا

وقيل للحسن بن سهل: لم قيل: قال الأول، وقال الحكيم؟ قال: لأنه كلام قد مرّ على الأسماع قبلنا، فلو كان زللا لما نقل إلينا مستحسنا.

[ومن أمثال البخلاء، واحتجاجهم، وحكمهم]

أبو الأسود الدؤلى: لا تجاود الله؛ فإنه أجود وأمجد، ولو شاء ان يوسّع على خلقه حتى لا يكون فيهم محتاج فعل. وقال: لو أطعنا المساكين فى إعطائنا إياهم كنا أسوأ حالا منهم.

وقال الكندى: قول «لا» يدفع البلاء، وقول «نعم» يزيل النعم. وقال:

سماع الغناء برسام حادّ؛ لأن المرء يسمع فيطرب، فيسمح فيفتقر، فيغتم فيمرض فيموت. وقال لابنه: يا بنى، كن مع الناس كاللاعب بالقمار، إنما غرضه أخذ متاعهم، وحفظ متاعه.

وقال [غيره:] منع الجميع أرضى للجميع. إذا قبح السؤال حسن المنع.

وقال علىّ بن الجهم: من وهب فى عمله فهو مخدوع، ومن وهب بعد العزل فهو أحمق، ومن وهب من جوائز سلطانه أو ميراث لم يتعب فيه فهو مخذول، ومن وهب من كيسه وما استفاد بحيلته فهو المطبوع على قلبه، المختوم على سمعه وبصره ومن إنشاداتهم:

لا تجد بالعطاء فى غير حقّ ... ليس فى منع غير ذى الحقّ بخل

وقال كثيّر:

إذا المال لم يوجب عليك عطاءه ... حقيقة تقوى أو صديق ترافقه

منعت، وبعض المنع حزم وقوة ... ولم يفتلتك المال إلا حقائقه «١»

<<  <  ج: ص:  >  >>