للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما اللّجج الملاح مرويّات ... ويلفى الرّىّ فى النّطف العذاب

[[جمل من ألوان المديح]]

وقال رجل لخالد القسرى: والله إنك لتبذل ماجلّ، وتجبر ما انفلّ، وتكثر ما قلّ؛ ففضلك بديع، ورأيك جميع، تحفظ ما شذّ، وتؤلف ما ندّ.

وسئل أعرابى عن قومه، فقال: يقتلون الفقر، عند شدّة القرّ، وأرواح الشتاء، وهبوب الجر بياء «١» ، بأسنمة الجزور، ومترعات القدور، تهش وجوههم عند طلب المعروف، وتعبس عند لمعان السيوف.

ووصف أعرابى قوما فقال: لهم جود كرام اتّسعت أحوالها، وبأس ليوث تتبعها أشبالها، وهمم ملوك انفسحت آمالها، وفخر آباء شرفت أخوالها.

وقال خالد بن صفوان، وقد دخل على بعض الولاة: قدمت فأعطيت كلّا بقسطه من نظرك [ومجلسك] ، وصوتك، وعدلك، حتى كأنك من كلّ أحد، وحتى كأنك لست من أحد.

وذكر خالد رجلا فقال: كان والله بديع المنطق، ذلق الجرأة، جزل الألفاظ، عربىّ اللسان، ثابت العقدة، رقيق الحواشى، خفيف الشفتين، بليل الريق، رحب الشرف، قليل الحركات، خفىّ الإشارات، حلو الشمائل، حسن الطلاوة، حييّا جريّا، قؤولا صموتا، يفل الحزّ، ويصيب المفاصل، لم يكن بالهذر فى منطقه، ولا بالزمر فى مروءته، ولا بالخرق فى خليقته، متبوعا غير تابع، كأنه علم فى رأسه نار.

وقال بعض البلغاء لرئيسه: إنّ من النعمة على المثنى عليك أنه لا يأمن التقصير، ولا يخاف الإفراط، ولا يحذر أن تلحقه نقيصة الكذب، ولا ينتهى به المدح إلى غاية إلّا وجد فى فضلك عونا على تجاوزها. ومن سعادة جدّك أن الداعى لا يعدم كثرة المشايعين، ومساعدة النيّة على ظاهر القول.

<<  <  ج: ص:  >  >>