للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مات خزنة الأموال وهم أحياء، وعاش خزّان العلم وهم أموات. مثل علم لا ينفع ككنز لا ينفق منه. أزهد الناس في عالم جيرانه.

وقيل للصّلت بن عطاء، وكان مقدّما عند البرامكة: كيف غلبت عليهم وعندهم من هو آدب منك؟ قال: ليس للقرباء طرافة الغرباء، وكنت امرأ بعيد الدار، نائى المزار، غريب الاسم، قليل الجرم، كثير الالتواء، شحيحا بالإملاء؛ فرغّبهم فىّ رغبتى عنهم، وزهّدنى فيهم رغبتهم فىّ.

علم لا يعبر معك الوادى، لا يعمر بك النادى. لو سكت من لا يعلم لسقط الاختلاف. إذا ازدحم الجواب خفى الصواب. الغلط تحت اللّغط. خرق الإجماع خرق. المحجوج بكلّ شىء ينطق

[استعارات فقهية تليق بهذا المكان]

دخل أبو تمام الطائى على أحمد بن أبى داود في مجلس حكمه، وأنشده أبياتا يستمطر نائله، وينشر فضائله، فقال: سيأتيك ثوابها يا أبا تمام، ثم اشتغل بتوقيعات في يده؛ فأحفظ ذلك أبا تمام، فقال: احضر أيدك الله فإنك غائب، واجتمع فإنك مفترق، ثم أنشده:

إنّ حراما قبول مدحتنا ... وترك ما نرتجى من الصّفد

كما الدنانير والدراهم في ال ... صّرف حرام إلا يدا بيد

فأمر بتوفير حبائه، وتعجيل عطائه.

ولما ولى طاهر بن عبد الله بن طاهر خراسان دخل الشعراء يهنئونه، وفيهم تمام بن أبى تمام فأنشده:

هنّاك ربّ الناس هنّاكا ... مامن جزيل الملك اعطاكا

قرّت بما أعطيت يا ذا الحجى ... والبأس والإنعام عيناكا

أشرقت الأرض بما نلته ... وأورق العود بجدواكا

فاستضعف الجماعة شعره، وقالوا: يا بعد ما بينه وبين ابيه! فقال طاهر

<<  <  ج: ص:  >  >>