قال المأمون لبعض ولده وسمع منه لحنا: ما على أحدكم أن يتعلّم العربية، فيقيم بها أوده «١» ، ويزيّن بها مشهده، ويفلّ «٢» حجج خصمه، بمسّ كتاب حكمه «٣» ، ويملك مجلس سلطانه، بظاهر بيانه؛ ليس لأحدكم أن يكون لسانه كلسان عبده أو أمته، فلا يزال الدهر أسير كلمته.
وقال رجل للحسن البصرى يا أبو سعيد، قال: كسب الدراهم شغلك أن تقول يا أبا سعيد، ثم قال: تعلّموا العلم للأديان، والنحو للسان، والطبّ للأبدان.
وكان الحسن كما قال الأعرابى وسمع كلامه: والله إنه لفصيح إذ الفظ، نصيح إذا وعظ. وقيل له: يا أبا سعيد، ما نراك تلحن، قال: سبقت اللحن. أخذه أبو العتاهية، وقيل له: إنك تخرج فى شعرك عن العروض، فقال: سبقت العروض، وقال إسحاق بن خلف البهرانى:
النحو يصلح من لسان الألكن ... والمرء تعظمه إذا لم يلحن
فإذا طلبت من العلوم أجلّها ... فأجلّها منها مقيم الألسن