للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحمد لله ذى الكبرياء، وصلّى الله على محمد خاتم الأنبياء؛ أما بعد فإن الرغبة منك دعتك إلينا، والرغبة منا فيك أجابت، وقد زوّجناك على كتاب الله: إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان.

وخطب رجل إلى فوم فأتى بمن نحطب له، فاستفتح بحمد الله وأطال، وصلّى على النبىّ عليه السلام وأطال، ثم ذكر البدء وخلق السموات والأرض، واقتصّ ذكر القرون حتى ضجر من حضر، والتفت إلى الخاطب، فقال: ما اسمك أعزّك الله؟ فقال: والله قد أنسيت اسمى من طول خطبتك، وهي طالق إن تزوجتها بهذه الخطبة؛ فضحك القوم، وعقدوا في مجلس آخر.

[[الكتب والأقلام والخط]]

وقال ابن المعتز: الكتاب والج الأبواب، جرىء على الحجّاب، مفهم لا يفهم، وناطق لا يتكلم، به يشخص المشتاق، إذا أقعده الفراق، والقلم مجهّز لجيوش الكلام، يخدم الإرادة، ولا يملّ الاستزادة، ويسكت واقفا، وينطق سائرا، على أرض بياضها مظلم، وسوادها مضىء، وكأنه يقبّل بساط سلطان أو يفتح نوّار بستان.

وهذا كقوله في القاسم بن عبيد الله، قال الصولى: لما عرض القاسم بن عبيد الله ليخلف أباه: قال ابن المعتز:

قلم ما أراه أم فلك يج ... رى بما شاء قاسم ويسير

خاشع في يديه يلثم قرطا ... ساكما قبّل البساط شكور

ولطيف المعنى جليل نحيف ... وكبير الأفعال وهو صغير

كم منايا وكم عطايا وكم ... حتف وعيش تضمّ تلك السّطور

نقشت بالدّجا نهارا فما أد ... رى أخطّ فيهنّ أم تصوير

هكذا من أبوه مثل عبيد الله ... ينمى إلى العلا ويصير

عظمت منّة الإله عليه ... فهناك الوزير وهو الوزير

<<  <  ج: ص:  >  >>