للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحسبك معرفة بما أنا منطو لك عليه إطلاعى إياك على ما فى ضميرى منك، والسلام.

[[الخليفة المعتصم]]

قال العباس بن المأمون: ولما أفضت الخلافة إلى المعتصم دخلت، فقال:

هذا مجلس كنت أكره الناس لجلوسى فيه، فقلت: يا أمير المؤمنين، أنت تعفو عما تيقّنته، فكيف تعاقب على ما توهّمته؟ فقال: لو أردت عقابك لتركت عتابك.

وكان المعتصم شهما، شجاعا، عاقلا، مفوّها، ولم يكن فى [خلفاء] بنى العباس أمىّ غيره؛ وقيل: [بل كان يكتب خطّا ضعيفا، و] كان سبب ذلك أنه رأى جنازة لبعض الخدم، فقال: ليتنى مثله لأتخلّص من الكتّاب! فقال الرشيد:

والله لا عذّبتك بشىء تختار عليه الموت.

قال أبو القاسم الزجاجى: وهذا شىء يحكى من غير رواية صحيحة، إلا أنّ جملته أنه كان ضعيف البصر بالعربية.

وقرأ أحمد بن عمار المذرى «١» - وكان يتقّلد العرض عليه فى الحضرة- كتابا فيه:

«ومطرنا مطرا كثر عنه الكلأ» فقال له المعتصم: ما الكلأ؟ فقال: لا أدرى.

فقال: إنا لله وإنّا إليه راجعون! خليفة أمىّ وكاتب أمى! ثم قال: من يقرب منا من كتّاب الدار؟ فعرف مكان محمد بن عبد الملك الزيات، وكان يتولّى قهرمة الدار، ويشرف على المطبخ، فأحضره، فقال: ما الكلأ؟ فقال: النبات كله رطبه ويابسه؛ فالرطب منه خاصة يقال له خلا، ومنه سمّيت المخلاة، واليابس يقال له حشيش؛ ثم اندفع فى صفات البنات من ابتدائه إلى اكتماله إلى هيجه، فاستحسن ذلك المعتصم، وولّاه العرض من ذلك اليوم، فلم يزل وزيرا مدة خلافته [وخلافة الواثق] ، حتى نكبه المتوكل بحقود حقدها عليه أيام أخيه الواثق.

<<  <  ج: ص:  >  >>