وإذا صفوت كدرت، شيمة باخل، ... وإذا وفيت نقضت أسباب الوفا
لا أرتضيك، وإن كرمت؛ لأننى ... أدرى بأنك لا تدوم على الصّفا
زمن إذا أعطى استردّ عطاءه ... وإذا استقام بدا له فتحرّفا
ما قام خيرك يا زمان بشرّه ... أولى بنا ما قلّ منك وما كفى
[[الصدق في النصيحة]]
وكان أحمد بن يوسف منصرفا عن غسّان بن عباد، وجرت بينهما هنات بحضرة المأمون، فقال يوما بحضرة خاصّة أصحابه: أخبرونى عن غسّان بن عباد؛ فإنى أريده لأمر جسيم؛ وكان قد عزم على تقليده السّند مكان بشر بن داود؛ فتكلّم كلّ فريق بما عنده في مدحه؛ فقال أحمد بن يوسف: هو يا أمير المؤمنين رجل محاسنه أكثر من مساويه، لا يتطرّف به أمر إلّا تقدّم فيه، ومهما تخوّف عليه فإنه لن يأتى أمرا يعتذر منه؛ لأنه قسم أيامه بين أفعال الفضل؛ فجعل لكلّ خلق نوبة، إذا نظرت في أمره لم تدر أى حالاته أعجب؛ أما هداه إليه عقله أم ما اكتسبه بأدبه؟
فقال له المأمون: لقد مدحته على سوء رأيك فيه! قال: لأنى في أمير المؤمنين كما قال الشاعر:
كفى ثمنا لما أسديت أنى ... نصحتك في الصديق وفي عدائى
وأنى حين تندبنى لأمر ... يكون هواك أغلب من هوائى
قال الصولى: وقد روى هذا لغير أحمد، ولعلّ أحمد استعاره؛ فأعجب المأمون ذلك منه، وشكره غسان بن عبّاد له، وتأكّدت الحال بينهما.
وكان أحمد بن يوسف بن القاسم بن صبيح مولى عجل بن لجيم عالى الطبقة فى البلاغة، ولم يكن في زمانه أكتب منه، وله شعر جيد مرتفع عن أشعار الكتاب، ووزر للمأمون بعد أحمد بن أبى خالد، وكان أول ما ارتفع به أحمد أن