تحسن الألوان منهم في الوغى ... حين تستنكر للرّعب الحلى
سخط عبد الله يدنى الأجلا ... ورضاه يتعدّى الأملا
يعشب الصّلد إذا سالمه ... وإذا حارب روضا أمحلا
[ملك لو نشّرت آلاؤه ... وأياديه على الليل انجلى]
حلّ بالبأس ابن عمرو منزلا ... طال حتى قصرت فيه العلا
حطّ رحلى في ذراه جوده ... وتمشّى في نداه الخيزلى «١»
[[جودة الخط]]
سئل بعض الكتاب عن الخطّ: متى يستحقّ أن يوصف بالجودة؟ فقال:
إذا اعتدلت أقسامه، وطالت ألفه ولامه، واستقامت سطوره، وضاهى صعوده حدوره، وتفتّحت عيونه، ولم تشتبه راؤه ونونه، وأشرق قرطاسه، وأظلمت أنقاسه، ولم تختلف أجناسه، وأسرع إلى العيون تصوّره، وإلى العقول تثمّره، وقدّرت فصوله، واندمجت وصوله، وتناسب دقيقه وجليله، وخرج من نمط الورّاقين، وبعد عن تصنّع المحررين «٢» ، وقام لصاحبه مقام النسبة والحلية، كان حينئذ كما قال صاحب هذا الوصف في صفة خط:
إذا ما تجلل قرطاسه ... وساوره القلم الأرقش
تضمّن من خطّه حلة ... كنقش الدنانير، بل أنقش
حروف تعيد لعين الكليل ... نشاطا ويقرؤها الأخفش
قال أبو هفّان: سألت ورّاقا عن حاله فقال: عيشى أضيق من محبرة، وجسمى أدقّ من مسطرة، وجاهى أرقّ من الزجاج، ووجهى عند الناس أشدّ سوادا من الحبر بالزّاج، وحظى أخفى من شقّ القلم، ويداى أضعف من قصبة، وطعامى أمرّ من العفص؛ وشرابى أحرّ من الحبر «٣» ، وسوء الحال ألزم لى من الصّمغ؛ فقلت له: عبّرت عن بلاء ببلاء!