للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحجاج بن يوسف إلى قتيبة بن مسلم: إنى وإياك لدتان «١» ، وإن أمرأ قد سار خمسين حجة لقمن أن يرده. فأصلحناه بيتا، فاجتلبه التيمى فى شعره.

[[من رسائل بديع الزمان الهمذانى]]

وكتب البديع إلى أبى القاسم الكرخى: أنا وإن لم ألق تطاول الإخوان إلا بالتطوّل، وتجمل الأحرار إلا بالتجمّل، أحاسب الشيخ على أخلاقه ضنّا بما عقدت يدى عليه من الظنّ به، والتقدير فى مذهبه، ولولا ذاك لقلت: فى الأرض مجال إن ضاقت ظلاله، وفى الناس واصل إن رثّت حباله، وأؤاخذه بأفعاله؛ فإن أعارنى أذنا واعية، ونفسا مراعية، وقلبا متّعظا، ورجوعا عن الذهاب، ونزوعا عما يقرعه من هذا الباب، فرشت لمودّته صدرى «٢» ، وعقدت عليه جوامع حصرى، ومجامع عمرى؛ وإن ركب من التعالى غير مركب، وذهب من التّغالى فى غير مذهب، أقطعته خطة أخلاقه، ووليته جانب إعراضه، فكنت امرأ:

لا أذود الطير عن شجر ... قد بلوت المرّ من ثمره

فإنى- أطال الله بقاء الشيخ مولاى- وإن كنت فى مقتبل السنّ والعمر، فقد حلبت شطرى الدهر «٣» ، وركبت ظهرى البرّ والبحر، ولقيت وفدى الخير والشر، وصافحت يدى النّفع والضر، وضربت إبطى العسر واليسر، وبلوت طعمى الحلو والمر، ورضنت ثديى العرف والنّكر؛ فما تكاد الأيام ترينى من أفعالها غريبا، وتسمعنى من أقوالها عجيبا، ولقيت الأفراد، وطارحت الآحاد؛ فما رأيت أحدا إلّا ملأت حافتى سمعه وبصره، وشغلت حيّزى فكره ونظره، وأثقلت كفّه فى الحزن، وكفّته فى الوزن؛ وودّ لو بارز القرن

<<  <  ج: ص:  >  >>