قال أبو المنذر هشام بن محمد السائب الكلبى: كان بلال بن أبى بردة جلدا حين ابتلى، أحضره يوسف بن عمر فى قيوده لبعض الأمر، وهم بالحيرة؛ فقام خالد بن صفوان فقال ليوسف: أيها الأمير، إنّ عدوّ الله بلالا ضر بنى وحبسنى ولم أفارق جماعة؛ ولا خلعت يدا من طاعة، ثم التفت إلى بلال فقال: الحمد لله الذى أزال سلطانك، وهدّ أركانك، وأزال جمالك، وغيّر حالك، فوالله لقد كنت شديد الحجاب، مستخفّا بالشريف، مظهرا للعصبية! فقال بلال:
يا خالد؛ إنما استطلت علىّ بثلاث معك هنّ علىّ: الأمير مقبل عليك، وهو عنى معرض. وأنت مطلق، وأنا مأسور. وأنت فى طينتك، وأنا غريب! فأفحمه، [ويقال: إن آل الأهتم زعنفة دخلت فى بنى منقر فانتسبت إليهم]«١» وكان سبب ضرب بلال خالدا فى ولايته أن بلالا مرّ بخالد فى موكب عظيم، فقال خالد:
سحابة صيف عن قليل تقشّع
فسمعه بلال، فقال: والله لا تقشع أو يصيبك منها شؤبوب «٢» برد، وأمر بضربه وحبسه.