للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ديك الجنّ:

وغرير يقضى بحكمين: فى الرا ... ح بجور، وفى الهوى بمحال

للنقاردفه، وللخوط ما حمّل ... لينا، وجيده للغزال «١»

فعلت مقلتاه بالصّبّ ما ... تفعل جدوى يديك بالأموال

ومن بارع الخروج قول المتنبى:

مرّت بنا بين تربيها فقلت لها: ... من أين جانس هذا الشادن العربا

فاستضحكت ثم قالت كالمغيث يرى ... ليث الشّرى وهو من عجل إذا انتسبا

واشتهار شعره، يمنعنى من ذكره.

[[السر فى الابتداء بالنسيب]]

قال ابن قتيبة «٢» : سمعت بعض أهل الأدب يذكر أن مقصّد القصيدة إنما ابتدأ بوصف الديار والدّمن والآثار؛ فبكى وشكا، وخاطب الربع، واستوقف الرفيق؛ ليجعل ذلك سببا لذكر أهله الظاعنين؛ إذ كانت نازلة العمد فى الحلول والظّعن على خلاف ما عليه نازلة المدر؛ لانتقالهم من ماء إلى ماء، وانتجاعهم الكلأ، وتتبّعهم مساقط الغيث حيث كان؛ ثم وصل ذلك بالنسيب، فبكى شدّة الوجد، وألم الصبابة والشوق؛ ليميل نحوه القلوب، ويصرف إليه الوجوه، ويستدعى إصغاء الأسماع؛ لأن النسيب قريب من النفوس، لائط بالقلوب «٣» ، لما جعل الله تعالى فى تركيب العباد من محبّة الغزل، وإلف النساء، فليس أحد يخلو من أن يكون متعلقا منه بسبب، وضاربا فيه بسهم، حلال أو حرام. فإذا استوثق من الإصغاء إليه، والاستماع له؛ عقّب بإيجاب الحقوق؛ فرحل فى شعره، وشكا النّصب والسهر، وسرى الليل [وحر الهجير، وإنضاء الراحلة والبعير،

<<  <  ج: ص:  >  >>