للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهواء فى مشقّها فتيق، والريح فى جوفها خريق، والمداد فى خرطومها رقيق، قال: فبقى الأصمعى شاخصا إلىّ ضاحكا لا يحير مسألة ولا جوابا.

[[من ترجمة العتانى وأدبه وأخباره]]

والعتابى: هو كلثوم بن عمرو بن الحارث التغلبى، يكنى أبا عمرو، قال أبو عثمان الجاحظ: كان العتّابىّ ممن اجتمع له الخطابة، والبيان، والشعر الجيد، والرسائل الفاخرة، وعلى ألفاظه وحذوه يقول فى البديع جميع من يتكلّف ذلك من شعراء المولدين كنحو منصور النّمرى، ومسلم بن الوليد الأنصارى، وأشباههما، وكان العتابى يحتذى حذو بشّار فى البديع، ولم يكن فى المولدين أجود بديعا من بشار وابن هرمة والعتابى من ولد عمرو بن كلثوم ابن مالك بن عتّاب بن سعد، ولذلك قال:

إنى امرؤ هدم الإقتار مأثرتى ... واجتاح ما أبدت الايام من خطرى

أنا ابن عمرو بن كلثوم يسوّده ... حيّا ربيعة والأحياء من مضر

أرومة عطّلتنى من مكارمها ... كالقوس عطّلها الرامى من الوتر

وكان صاحب بديهة فى المنظوم والمنثور، حسن العقل والتمييز، والعرب تقول: من تمنّى رجلا حسن العقل، حسن البيان، حسن العلم، تمنّى شيئا عسيرا.

وقد اجتمع ذلك كله للعتابى.

وعاتبه يحيى بن خالد على لباسه، وكان لا يبالى أى ثوبيه ابتذل! فقال: أبعد الله رجلا مهمّه أن يكون جماله فى لباسه وعطره. إنما ذلك حظّ النساء، وأهل الأهواء، حتى يرفعه أكبراه: همّته، ولبّه، ويعلو به معظماه:

لسانه، وقلبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>