للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنّ لله عبيدا ... أخذوا العمر خليطا

فهم يمسون أعرا ... با ويضحون نبيطا «١»

[[من البديع إلى الميكالى]]

وله إلى أبى نصر الميكالى يشكو إليه خليفته بهراة:

كتابى أطال الله بقاء الشيخ الجليل، والماء إذا طال مكثه، ظهر خبثه، وإذا سكن متنه، تحرّك نتنه، كذلك الضيف يسمج لقاؤه، إذا طال ثواؤه، ويثقل ظلّه، اذا انتهى محلّه، وقد حلبت أشطر خمسة أشهر بهراة وإن لم تكن دار مثلى لولا مقامه، وما كانت تسعنى لولا ذمامه، ولى في بيتى قيس مثل صدق، وإن صدرا مصدر عشق:

وأدنيتنى حتى إذا ما سبيتنى ... بقول يحلّ العصم سهل الأباطح

تجافيت عنى حيث لا لى حيلة ... وخلّفت ما خلّفت بين الجوانح

نعم. قنصتنى نعم الشيخ الجليل، فلما علق الجناح، وقلق البراح، طرت مطار الريح، بل مطار الرّوح. وتركتنى بين قوم ينقض مسّهم الطهارة، وتوهن أكفّهم الحجارة. وحدّثت عن هذا الخليفة، بل الجيفة، أنه قال:

قضيت لفلان خمسين حاجة منذ ورد هذا البلد، وليس يقنع، فما أصنع؟ فقلت:

يا أحمق، إن استطعت أن ترانى محتاجا، فاستطع أن أراك محتاجا إليك. أفّ لقولك ولفعلك، ولدهر أحوج إلى مثلك! وأنا أسأل الشيخ الجليل أن يبيّض وجهى بكتاب يسوّد وجهه، ويعرّفه قدره، ويملأ رعبا صدره، إلى أن تبين على صفحات جنبه، آثار ذنبه.

وله إليه يعاتبه:

قد عرف الشيخ الجليل اتسامى بعبوديّته، ولو عرفت وراء العبوديّة مكانا لبلغته معه، وأرانى كلما قدمت صحبة، رجعت رتبة، وكلما طالت خدمة، قصرت

<<  <  ج: ص:  >  >>