للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان ابن عباس رضى الله عنهما حبر قريش وبحرها، وله يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم فقّهه فى الدين وعلّمه التأويل. وفيه يقول حسان ابن ثابت:

إذا قال لم يترك مقالا لقائل ... بملتقطات لا ترى بينها فصلا

شفى وكفى ما فى النفوس؛ فلم يدع ... لذى لسن فى القول جدّا ولا هزلا

سموت إلى العليا بغير مشقّة ... فنلت ذراها لا دنيّا ولا وغلا

[[مسلم بن الوليد صريع الغوانى]]

وقال مسلم بن الوليد:

أعاود ما قدمته من رجائها ... إذا عاودت باليأس فيها المطامع

رأتنى غنىّ الطّرف عنها فأعرضت ... وهل خفت إلا أن تشير الأصابع «١»

وما زيّنتها النفس لى عن لجاجة ... ولكن جرى فيها الهوى وهو طائع

فأقسمت أنسى الداعيات إلى الصبا ... وقد فاجأتها العين والستر واقع «٢»

فغطّت بأيديها ثمار نحورها ... كأيدى الأسارى أثقلتها الجوامع «٣»

وكان مسلم أنصاريا صريحا، وشاعرا فصيحا، ولقب صريعا أيضا لقوله:

سأنقاد للذّات متبع الهوى ... لأمضى همّا أو أصيب فتى مثلى

هل العيش إلا أن تروح مع الصبا ... صريع حميّا الكأس والأعين النّحل

واجتلب له هذا الاسم لأجل هذا البيت؛ وقد قال القطامى:

صريع غوان راقهنّ ورقنه ... لدن شبّ حتى شاب سود الذّوائب

ومسلم أول من لطّف البديع، وكسا المعانى حلل اللفظ الرفيع، وعليه يعوّل الطائى، وعلى أبى نواس، ومن بديع شعره الذى امتثله الطائى قوله:

تساقط يمناه الندى وشماله الرّدى وعيون القول منطقه الفصل

<<  <  ج: ص:  >  >>