فنهانا عنك الحياء طويلّا ... ثمّ قد ردّنا إليك الحياء
ولما حقّ إن قربت التّنائى ... ولما حقّ إن برزت الجفاء
غير أنّا أنضاء شكر أريحت ... وقديما أريحت الأنضاء «١»
[ألفاظ لأهل العصر في العجز عن الشكر لتكاثر الإنعام والبر]
عندى من برّه ما ملك الاعتذار بأزمّته، وقبض ألسنة أمراء الكلام وأئمّته. عندى له مبارّ «٢» أعجزنى شكرها، كما أعوزنى حصرها. شكره شأو بعيد له تبلغه أشواطى، ولا أتلافى التفريط في حقّه بإفراطى. إحسانه يعيد العرب عجما، والفصحاء بكما. قد زحمنى من مكارمه ما يحصر عنه المبين، ويصحبه العىّ وبئس القرين «٣» .
وقال أعرابى:
رهنت يدى بالعجز عن شكر برّه ... وما فوق شكرى للشكور مزيد
ولو كان شيئا يستطاع استطعته ... ولكنّ ما لا يستطاع شديد
وقال يحيى بن أكثم: كنت عند المأمون، فأتى برجل ترعد فرائصه «٤» ؛ فلما مثل بين يديه قال المأمون: كفرت نعمتى، ولم تشكر معروفى، فقال:
يا أمير المؤمنين؛ وأين يقع شكرى في جنب ما أنعم الله بك علىّ، فنظر إلىّ المأمون وقال متمثّلا:
ولو كان يستغنى عن الشكر ماجد ... لرفعة قدر أو علوّ مكان
لما أمر الله العباد بشكره ... فقال: اشكروا لى أيّها الثّقلان