للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤمنين، من أغفل سبب حلول النعمة، ولها عن الحال التي أصارته إليها، استصحب الياس من نيل مثلها، وانقطع رجاؤه من الزيادة فيها، فقال أبو جعفر: من كانت عنده هذه المعرفة دامت النعمة له، وبقى الإحسان إليه.

ولما قال المأمون لعبد الله بن طاهر عند قدومه من مصر: ما سرّنى الله مند ولّيت الخلافة بشىء عظم موقعه عندى، بعد جميل عافية الله، هو أكثر من سرورى بقدومك، فقال عبد الله: إيذن لى يا أمير المؤمنين في تفريق أموالى من طارف وتالد. قال: ولم؟ قال: شكرا على هذه الكلمة؛ وإلا قصّر بى الحياء عن النظر إلى أمير المؤمنين، فقال المأمون لمن حضر من أهل بيته وقوّاده: ما شىء من الخلافة يفى لعبد الله ببعض شكره.

وقال أبو نواس:

قد قلت للعباس معتذرا ... عن ضعف شكريه ومعترفا

أنت امرؤ جللتنى نعما ... أوهت قوى شكرى فقد ضعفا «١»

فإليك منى اليسوم تقدمة ... تلقاك بالتّصريح منكشفا

لا تسدينّ إلىّ عارفة ... حتى أقوم بشكر ما سلفا

عارضه الناشىء واعترض معناه، فقال:

إن أنت لم تحدث إلىّ يدا ... حتى أقوم بشكر ما سلفا

لم أحظ منك بنائل أبدا ... ورجعت بالحرمان منصرفا

وقال ابن الرومى:

عاقنا أن نعود أنّك أوليت ... أمورا يضيق عنها الجزاء

غمرتنا منك الأيادى اللّواتى ... ما لمعشارها لدينا كفاء

<<  <  ج: ص:  >  >>