للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلام هو السّحر الحلال، والماء الزّلال، والبرود والحبر، والأمثال والعبر، والنعيم الحاضر، والشباب النّاضر.

نظرت منه إلى صورة الظّرف بحتا، وصورة البلاغة سبكا ونحتا، ألفاظ هى خدع الدهر، وعقد السحر.

كلام يسرّ المحزون، ويسهّل الحزون «١» ، ويعطل الدرّ المخزون. كلام بعيد من الكلف، نقىّ من الكلف «٢» كلام كما تنفس السّحر عن نسيمه، وتبسم الدرّ عن نظيمه. ألفاظ تأنّق الخاطر في تذهيبها، ومعان عنى الفهم بتهذيبها. ألفاظ حسبتها من رقّتها منسوخة فى صحيفة الصّبا، وظننتها من سلاستها مكتوبة في نحر الهوى.

كلام كالبشرى بالولد الكريم، قرع به سمع الشيخ العقيم.

كلام قرب حتى أطمع، وبعد حتى امتنع، وقرب حتى صار قاب قوسين أو أدنى، ثم [سما و] علا حتى صار بالمنزل الأعلى. رقيق المزاج، حلو السماع، نقىّ السّبك، مقبول اللّفظ. قرأت لفظا جليّا، حوى معنى خفيّا، وكلاما قريبا، رمى غرضا بعيدا. لو أنّ كلاما أذيب به صخر، أو أطفىء به جمر، أو عوفى به مريض، أو جبر به مهيض «٣» لكان كلامه الذى يقود سامعيه إلى السجود، ويجرى في القلوب كجرى الماء في العود. ألفاظه أنوار، ومعانيه ثمار. كلامه أنس المقيم الحاضر، وزاد الراحل المسافر. كلامه يصغى إليه المقبور، وينتفض له العصفور. كلام يقضى حقّ البيان، ويملك رقّ الحسن والإحسان، كلام منه يجتنى الدّر، وبه يعقد السّحر، وعنده يعتب الدهر «٤» وله ينشرح الصدر.

<<  <  ج: ص:  >  >>