للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غائبا، أو سبّ حاضرا، أو حرم سائلا، أو خيّب آملا، أو أطاع سلطان الغضب في الحضر، أو تسلّى بنار الضّجر في السّفر، أو بطش بطش المتجبّر؛ ولا وجدت المآثر إلا ما يتعاطاه، والمآثم إلا ما يتخطّاه.

وقال في فصل منه يصفه: وأما فنون الأدب فهو ابن بجدتها «١» ، وأخو جملتها، وأبو عذرتها «٢» ، ومالك أزمّتها، وكأنما يوحى إليه في الاستئثار بمحاسنها، والتفرّد ببدائعها، ولله هو إذا غرس الدّرّ فى [أرض] القراطيس، وطرّز بالظلام رداء النهار، وألقت بحار خواطره جواهر البلاغة على أنامله، فهناك الحسن برمّته، والحسن بكلّيته.

وذكر عمر بن على المطوعى في كتاب ألّفه فى «٣» شعر أبى الفضل ومنثوره والشعراء، فقال: رأيت أهل هذه الصناعة قد تشعبوا على طرق، وانقسموا على ثلاث فرق، فمنهم من اكتسى كلامه شرف الاكتساب دون شرف الانتساب كالمكتسبين من الشعراء بالمدائح، المترشحين بها لأخذ الجوائز والمنائح، وهم الأكثرون من أهل هذه الصناعة؛ ومنهم من شرفت بنات فكره عند أهل العقول، وجلبت لديهم فضائل القبول، لشرف قائلها، لا لكثرة عقائلها، وكرم واشيها، لالرقّة حواشيها، كالعدد الكثير، والجم الغفير، من الخلفاء والأمراء والجلّة والوزراء؛ ومنهم من أخذ بحبل الجودة من طرفيه، وجمع رداء الحسن من حاشيتيه، كامرىء القيس ابن حجر الكندى في المتقدمين، وهو أمير الشعراء غير منازع، وسيدهم غير مجاذب ولا مدافع، وعبد الله بن المعتز بالله أمير المؤمنين فى المولدين، وهو أشعر أبناء الخلافة الهاشمية، وأبرع أنشاء الدولة العباسية، ومن

<<  <  ج: ص:  >  >>