للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول كشاجم:

ما كان أحوج ذا الكمال إلى ... عيب يوقيه من العين

وربّعت بقول أبى الطيب:

فإن تفق الأنام وأنت منهم ... فإنّ المسك بعض دم الغزال

ثم استعرت فيه بيان أبى إسحاق الصابى حيث يقول للصاحب «ورّثه الله أعمارها، كما بلّغه في البلاغة أنوارها»

الله حسبى فيك من كل ما ... تعوّد العبد على المولى

فلا تزل ترفل في نعمة ... أنت بها من غيرك الأولى

وقال في فصل منه: وما أنس لا أنس أيامى عنده بفيروزاباد إحدى قراه برستاق جوين، سقاها الله ما يحكى أخلاق صاحبها من سيل القطر، فإنها كانت- بطلعته البدرية، وعشرته العطريّة، وآدابه العلوية، وألفاظه الّلؤلؤية مع جلائل نعمه المذكورة، ودقائق كرمه المشكورة، وفوائد مجالسه المعمورة، ومحاسن أقواله وأفعاله التي يعيا بها الواصفون- أنموذجات من الجنة، التى وعد المتقون، وإذا تذكرتها في المرابع التي هي مراتع النّواظر، والمصانع التي هي مطالع العيش الناضر، والبساتين التي إذا أخذت بدائع زخارفها، ونشرت طرائف مطارفها، طوى لها الديباج الخسروانى، ونفى معها الوشى الصّنعانى، فلم تشبّه إلا بشيمه، وآثار قلمه، وأزهار كلمه، تذكرت سحرا وسيما، وخيرا عميما، وارتياحا مقيما، وروحا وريحانا ونعيما.

وكثيرا ما أحكى للاخوان أنى استغرقت أربعة أشهر بحضرته، وتوفّرت على خدمته، ولازمت في أكثر أوقاتى عالى مجلسه، وتعطّرت [عند ركوبه] بغبار موكبه؛ فبالله يمينا كنت غنيّا عنها لو خفت حنثا فيها إنى ما أنكرت طرفا من أخلاقه؛ ولم أشاهد إلا مجدا وشرفا من أحواله. وما رأيته اغتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>