قيضة كلب «١» على تلفيق خطب، أزعجنى عن ذلك الفناء، وأشرف بى على الفناء، لولا ما تدارك الله بجميل صنعه، وحسن دفعه؛ ولا أعلم كيف احتالوا، ولا ما الّذى قالوا؛ وبالجملة غيّروا رأى السلطان، وأشار علىّ إخوانى، بمفارقه مكانى، وبقيت لا أعلم أيمنة أضرب أم شآمة، ونجدا أقصد أم تهامة!
ولو كنت في سلمى أجا وشعابها ... لكان لحجّاج علىّ دليل
وقد علم الشيخ أن ذلك السلطان سماء إذا تغيّم لم يرج صحوه، وماء إذا تغيّر لم يشرب صفوه، وملك إذا سخط لم ينتظر عفوه، وليس بين رضاه والسخط عوجة، كما ليس بين غضبه والسيف فرجة، وليس من وراء سخطه مجاز، كما ليس بين الحياة والموت معه حجاز؛ فهو سيّد يغضبه الجرم الخفىّ، ولا يرضيه العذر الجلى؛ وتكفيه الجناية وهي إرجاف، ثم لا تشفيه العقوبة وهي إجحاف، حتى إنه ليرى الذنب وهو أضيق من ظل الرمح، ويعمى عن العذر وهو أبين من عمود الصّبح؛ وهو ذو أذنين يسمع بهذه القول وهو بهتان، ويحجب عن هذه العذر وله برهان؛ وذو يدين يبسط إحداهما إلى السفك والسفح، ويقبض الأخرى عن العفو والصفح؛ ودو عينين يفتح إحداهما إلى الجرم، ويغمض الأخرى عن الحلم، فمزحه بين القدّ والقطع، وجده بين السيف والنّطع، ومراده بين الظهور والكمون، وأمره بين الكاف والنون؛ ثم لا يعرف من العقاب، غير ضرب الرقاب، ولا يهتدى من التأنيب إلا لإزالة النعم، ولا يعلم من التأديب غير إراقة الدم، ولا يحتمل الهنة على حجم الذرة، ودقة الشعرة، ولا يحلم عن الهفوة، كوزن الهبوة، ولا يغضى عن السقطة، كجرم النقطة؛ ثم إن النقم بين لفظه وقلمه، والأرض تحت يده وقدمه، لا يلقاه الولى إلا بفمه، ولا العدو إلا بدمه؛ والأرواح بين حبسه وإطلاقه، كما أنّ الأجسام بين حله ووثاقه؛ فنظرت فإذا أنا بين