فلان له من الطاوس رجله، ومن الورد شوكه، ومن الماء زبده، ومن النار دخانها، ومن الخمر خمارها، قد هبّت سمائم نمائمه، ودبّت مكايد عقاربه، والنمام يضرب بسيف كليل إلا أنه يقطع، ويضرب بعضد واهن إلا أنه يوجع.
هو تمثال الجبن، وصورة الخوف، ومقرّ الرعب؛ فلو سمّيت له الشجاعة لخاف لفظها قبل معناها، وذكرها قبل فحواها، وفزع من اسمها دون مسماها، فهو يهلك من تخوفه أضغاث أحلام، فكيف بمسموع الكلام؟ إذا ذكرت السيوف لمس رأسه هل ذهب، ومسّ جبينه هل ثقب؟ كأنه أسلم فى كتّاب الجبن صبيّا، ولقّن كتاب الفشل أعجميا. وعده برق خلّب، وروغان ثعلب. غيم وعده جهام، وحدّ سيفه كهام. حصلت منه على مواعيد عرقوبية «١» ، وأحزان يعقوبية «٢» ، قد حرمنى ثمر الوعد، وجرّنى على شوك المطل. فتى له وعد أخذ «٣» من البرق الخلّب خلقا، وقد تناول من العارض الجهام طبعا، وتركنى أرعى رياض رجاء لا ينبت، وأجنى ثمار أمل لا يورق؛ فأنا فى ضمان الانتظار، وإسار عدة ضمار «٤» .
هو يرسل برقه، ولا يسيل ودقه، ويقدم رعده، فلا يمطر بعده. وعده الرقم على بساط الهواء، والخطّ فى بسيط الماء.
حلّ هذا من قول أبى الفضل بن العميد:
لا أستفيق من الغرام، ولا أرى ... خلوا من الأشجان والبرحاء
وصروف أيام أقمن قيامتى ... بنوى الخليط وفرقة القرناء
وجفاء خلّ كنت أحسب أنّه ... عونى على السراء والضرّاء
ثبت العزيمة فى العقوق، وودّه ... متنقل كتنقّل الأحياء
ذى خلة يأتيك أثبت عهده ... كالخطّ يرسم فى بسيط الماء