للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أردت هذا البيت.

هو صخرة خلقاء «١» ، لا يستجيب للمرتقى، وحيّة صمّاء لا تسمع للرّقى، كأنى أستنفر بالجوّ رعدا، وأهزّ منه بالدعاء طودا، هو ثابت العطف [نابى العطف] ، عاجز القوة، قاصر المنّة، يتعلّق بأذناب المعاذير، ويحيل على ذنوب المقادير. هو كالنعامة تكون جملا إذا قيل لها طيرى، وطائرا إذا قيل لها سيرى.

يفاض له بذل، ولا يفوّض إليه شغل، ويملأ له وطب، ولا يدفع به خطب، قد وفر همّه على مطعم يجوّده، وملبس يجوّده، ومرقد يمهّده، وبنيان يشيّده، هذا كقول الخطيئة:

دع المكارم لا ترحل لبغيتها ... واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسى

قلب نغل، وصدر دغل، وطويّة معلولة، وعقيدة مدخولة، صفوه رنق «٢» ، وبرّه ملق، قد ملىء قلبه رينا، وشحن صدره مينا «٣» ، يدّعى الفضل وهو فيه دعىّ، دأبه بثّ الخدائع، والنّفث فى عقد المكايد، ضميره خبث، ويمينه حنث، وعهده نكث. هو سحابة صيف، وطارق ضيف، قوته غنيمة، والظفر به هزيمة. هو العود المركوب، والوتر المضروب، يطؤه الخفّ والحافر، ويستضيمه الوارد والصادر. [يغمض عن الذكر] ، ويصغر عن الفكر. ذاته لا يوسم أغفالها، وصفته لا تنفرج أقفالها. هو أقلّ من تبنة فى لبنة، ومن قلامة فى قمامة. وهو بيذق الشّطرنج فى القيمة والقامة، جهله كثيف، وعقله سخيف، لا يستتر من العقل بسجف، ولا يشتمل إلّا على سخف. يمدّ يد الجنون فيعرك بها أذن الحزم، ويفتح جراب السخف فيصفع به قفا العقل. لا تزال الأخبار تورد سفائح جهله وخرقه، والأنباء تنقل نتائج سخفه وحمقه، قد ظلّ يتعثّر فى فضول جهله، ويتساقط فى ذيول عقله. هو سمين المال مهزول النّوال. ثروة فى الثريا وهمّة فى الثّرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>