للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجهه كهول المطلع، وزوال النّعمة، وقضاء السّوء، وموت الفجاءة. هو قذى العين، وشجى الصّدر، وأذى القلب، وحمّى الروح، وجهه كآخر الصك، وظلم الشكّ، كأنّ النحس يطلع من جبينه، والخلّ يقطر من وجنته. وجهه طلعة الهجر، ولفظه قطع الصّخر. وجهه كحضور الغريم، ووصول الرقيب، وكتاب العزل، وفراق الحبيب. له من الدينار نضرته، ومن الورد صفرته، ومن السحاب ظلمته، ومن الأسد نكهته «١» . هو عصارة لؤم فى قرارة خبث.

ألأم مهجة فى أسقط جثّة. حديث النّعمة، خبيث الطعمة، خبيث المركب، لئيم المنتسب، يكاد من لؤمه يعدى من جلس إلى جنبه، أو تسمّى باسمه. قد أرضع بلبان اللّؤم، وربّى فى حجر الشؤم، وفطم عن ثدى الخير، ونشأ فى عرصة الخبث، وطلّق الكرم ثلاثا لم ينطق فيه استثناء، وأعتق المجد بتاتا لم يستوجب عليه ولاء. هو حماز مبطّن بثور مفروز بتيس، مطرّز بطرر، [أتى من اللؤم بنادر] ، لم تهتد له قصة مادر «٢» . هو قصير الشبر، صغير القدر، قاصر القدر، ضيّق الصّدر، ردّ إلى قيمة مثله فى خبث أصله، وفرط جهله، لا أمس ليومه، ولا قديم لقومه، سائله محروم، وماله مكتوم؛ لا يحين إنفاقه، ولا يحلّ خناقه. خيره كالعنقاء تسمع بها ولا ترى. خبزه فى حالق، وإدامه فى شاهق. غناه فقر، ومطبخه قفر، يملأ بطنه والجار جائع، ويحفظ ماله والعرض ضائع، قد أطاع سلطان البخل وانخرط كيف شاء فى سلكه. هو ممن لا يبضّ حجره، ولا يثمر شجره، سكّيت الحلبة «٣» ، وساقة الكتيبة، وآخر الجريدة. لعنة العائب، وعرضة الشاهد والغائب. هو عيبة العيوب، وذنوب الذّنوب. وقال أبو الفضل الميكالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>