للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطلعة بقبحها قد شهرت ... تحكى زوال نعمة ما شكرت

كأنّها عن لحمها قد قشرت ... أقبح بها صحيفة قد نشرت

عنوانها إذا الوحوش حشرت ... يلعنها ما قدّمت وأخّرت

صاحبها ذو عورة لو سترت ... إن سار يوما فالجبال سيّرت

أو رام أكلا فالجحيم سعّرت

ويختص بهذه الأنواع رسالة بديع الزمان إلى القاضى على بن أحمد يشكو أبا بكر الحيرى القاضى ويذمّه- وقد أطلت عنان الاختيار فيها لصحّة مبانيها، وارتباط ألفاظها بمعانيها:

الظّلامة- أطال الله بقاء القاضى- إذا أتت من مجلس القضاء، لم ترق إلّا إلى سيّد القضاة. وما كنت لأقصر سيادته على الحكام، دون سائر الأنام، لولا اتصالهم بسببه، واتّسامهم بلقبه، وهبهم مطفّلين على قسمه، مغيرين على اسمه، ألهم فى الصحة أديم كأديمه «١» ، أو قديم فى الشرف كقديمه، أو حديث فى الكرم كطريفه؛ فهنيئا لهم الأسماء، وله المعانى، ولا زالت لهم الظواهر، وله الجواهر. ولا غرو أن يسمّوا قضاة، فما كلّ مائع ماء، ولا كلّ سقف سماء، ولا كلّ سيرة عدل العمرين «٢» ، ولا كلّ قاض قاضى الحرمين، ويالثارات القضاء! ما أرخص ما بيع، وأسرع ما أضيع! والسنة الإنذار، قبل خلو الديار، وموت الخيار، ألا يغار لحلى الحسناء، على السوداء، ومركب أولى السياسة، تحت السّاسة، ومجلس الأنبياء، من تصدّر الأغبياء، وحمى البزاة من صيد البغاث، ومرتع الذكور «٣» من تسلّط الإناث؟ ويا للرجال، وأين الرجال! ولى القضاء من لا يملك من آلاته غير السّبال «٤» ، ولا يعرف من أدواته غير الاعتزال، ولا يتوجّه

<<  <  ج: ص:  >  >>