فى أحكامه إلا إلى الاستحلال، [ولا يرى التفرقة إلا فى العيال] ولا يحسن من الفقه غير جمع المال، [ولا يتقن من الفرائض إلا قلة الاحتفال، وكثرة الافتعال] ولا يدرس من أبواب الجدال إلا قبيح الفعال، وزور المقال، ذاك أبو بكر القاضى، أضاعه الله كما أضاع أمانته، وخان خزانته، ولاحاطه من قاض فى صولة جندى، وسبلة كردى ... إلى أن قال: أيكفى أن يصبح المرء بين الزقّ والعود، ويمسى بين موجبات الحدود، حتى يكمل شبابه، وتشيب أترأبه. ثم يلبس دنيّته «١» ، ليخلع دينيّته، ويسوى طيلسانه، ليحرف يده ولسانه، ويقصر سباله، ليطيل حباله، ويظهر شقاشقه، لبستر مخارقه، وببيّض لحيته، ليسوّد صحيفته، ويبدى ورعه، ليخفى طمعه، ويغشى محرابه، ليملأ جرابه، ويكثر دعاءه، ليحشو وعاءه، ثم يخدم بالنهار أمعاءه، ويعالج بالليل وجعاءه، ويرجو أن يخرج من بين هذه الأحوال عالما، ويقعد حاكما؟ هذا إذا المجد كالوه بقفزان «٢» وباعوه فى سوق الخسران! هيهات حتى ينسى الشهوات، ويجوب الفلوات، ويعتضد المحابر، ويحتضن الدفاتر، وينتج الخواطر، ويحالف الأسفار، ويعتاد القفار، ويصل الليلة باليوم، ويعتاض السهر من النوم، ويحمل على الروح، ويجنى على العين، وينفق من العيش، ويخزن فى القلب، ولا يستريح من النظر إلا إلى التحديق، ولا من التحقيق إلا إلى التعليق؛ وحامل هذه الكلف إن أخطأه رائد التوفيق، فقد ضلّ سواء الطريق، وهذا الحيرىّ رجل قد شغله طلب الرياسة عن تحصيل آلاتها، وأعجله حصول الأمنية عن تمحل أدواتها «٣» :