قفا نسأل الدّار التي خفّ أهلها ... متى عهدها بالصّوم والصلوات
وأين الأولى شطّت بهم غربة النّوى ... أفانين في الآفاق مفترقات «٢»
أحبّ قصىّ الدار من أجل حبّهم ... وأهجر فيهم أسرتى وثقاتى
وهي طويلة.
ولما دخل المأمون بغداد أحضر دعبلا بعد أن أعطاه الأمان، وكان قد هجاه وهجا أباه، فقال: يا دعبل، من الحضيض الأوهد! فقال: يا أمير المؤمنين، قد عفوت عمن هو أشدّ جرما منى! أراد المأمون قول دعبل يهجوه:
إنّى من القوم الذين سيوفهم ... قتلت أخاك وشرفتك بمقعد
شادوا بذكرك بعد طول خموله ... واستنقذوك من الحضيض الأوهد
يفتخر عليه بقتل طاهر بن الحسين بن مصعب ذى اليمينين أخاه محمدا، وطاهر مولى لخزاعة، فاستنشده هذه القصيدة التائيّة «٣» ، فاستعفاه، فقال: لا بأس عليك، وقد رويتها، وإنما أحببت أن أسمعها منك، فأنشدها دعبل؛ فلما انتهى إلى قوله: