للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالفكر، ويكون سليما من التكلّف، بعيدا من الصّنعة، بريئا من التعقيد، غنيّا عن التأويل.

وذكر سهل بن هارون «١» - وقيل ثمامة بن أشرس- جعفر بن يحيى فقال: قد جمع في كلامه وبلاغته الهذّ والتمهل «٢» والجزالة والحلاوة، وكان يفهم إفهاما يغنيه عن الإعادة للكلام. ولو كان يستغنى مستغن عن الإشارة بمنطقة لاستغنى عنها جعفر. كما استغنى عن الإعادة فإنه لا يتحبّس «٣» ولا يتوقّف في منطقه ولا يتلجلج، ولا يتسعّل، ولا يترقّب لفظا قد استدعاه من بعد، ولا يتلمس معنى قد عصاه بعد طلبه له.

وقيل لبشّار بن برد: بم فقت أهل عمرك، وسبقت أهل عصرك، فى حسن معانى الشعر، وتهذيب ألفاظه؟ فقال: لأنى لم أقبل كلّ ما تورده علىّ قريحتى، ويناجينى به طبعى، ويبعثه فكرى، ونظرت إلى مغارس الفطن، ومعادن الحقائق، ولطائف التشبيهات، فسرت إليها بفهم جيد، وغريزة قوية، فأحكمت سبرها، وانتقيت حرها، وكشفت عن حقائقها، واحترزت من متكلّفها ولا والله ما ملك قيادى قطّ الإعجاب بشىء مما آتى به.

وكان بشار بن برد خطيبا، شاعرا، راجزا، سجّاعا، صاحب منثور ومزدوج، ويلقب بالمرعّث لقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>