اشتاقه، فكتب في حمله إليه، فلما دخل أفحم، فقال له المتوكل: تكلّم فإنّى أريد أن أستبرئك، فقال: بحيضة أو بحيضتين يا أمير المؤمنين؟ فقال له الفتح «١» : قد كلّمت أمير المؤمنين يولّيك على القرود والكلاب! قال:
أفلست سامعا مطيعا؟ فضحك المتوكل وأمر له بعشرة آلاف درهم وكان لا يدخل بيته أكثر من ثلاثة لضيقه؛ فدعا ثلاثة، فجاءه ستّة، وقرعوا الباب، ووقفوا على رجل رجل فعدّ أرجلهم من خلف الباب؛ فلما حصلوا عنده، قال: اخرجوا عنى، فإنما دعوت ناسا ولم أدع كراكيّ.
وقال الطائى في عمرو بن طوق التغلبى:
الجدّ شيمته، وفيه فكاهة ... سجح ولا جدّ لمن لم يلعب «٢»
شرس، ويتبع ذاك لين خليقة ... لا خير في الصّهباء ما لم تقطب «٣»
وقال في الحسن بن وهب:
لله أيام خطبنا لينها ... فى ظلّه بالخندريس السّلسل «٤»
بمدامة نغم السماع خفيرها ... لا خير في المعلول غير معلّل «٥»
يغشى عليها وهو يجلو مقلتى ... باز، ويغفل وهو غير مغفّل
لا طائش تهفو خلائقه، ولا ... خشن الوقار كأنّه في محفل
فكه يجمّ الجدّ أحيانا، وقد ... ينضى ويهزل عيش من لم يهزل
وقال فيه:
ولقد رأيتك والكلام لآلىء ... توم فبكر في النّظام وثيّب «٦»
وكأن قسّا في عكاظ يخطب ... وابن المقفّع في اليتيمة يسهب «٧»