فديتك، أعدائى كثير، وشقّتى ... بعيد، وأشياعى لديك قليل «١»
فطرب وصرخ صرخة، وضرب بالقربة إلى الأرض فشقّها؛ فقامت الجارية تبكى، وقالت: ما هذا بجزائى منك؛ أسعفتك بحاجتك فعرّضتنى لما أكره من موالىّ. قال: لا تغتمى فإنّ المصيبة علىّ حصلت، ونزع الشّملة ووضع يدا من خلف ويدا من قدّام، وباع الشّملة وابتاع لها قربة جديدة، وقعد بتلك الحال؛ فاجتاز به رجل من ولد علىّ بن أبى طالب- رضي الله تعالى عنه! - فعرف حاله، فقال: يا أبا ريحانة! أحسبك من الذين قال الله تعالى فيهم: (فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ)
. قال: لا يابن رسول الله، ولكنى من الذين قال الله تعالى فيهم:(فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ)
فضحك، وأمر له بألف درهم.
ومرّ بالأوقص المخزومى، وهو قاضى المدينة، سكران [وهو] يتغنّى بليل، فأشرف عليه، وقال: يا هذا، شربت حراما، وأيقظت نياما، وغنّيت خطأ؛ خذه عنى، وأصلح له الغناء.
وسمع سعيد بن المسيب منشدا ينشد:
فلم تر عينى مثل سرب رأيته ... خرجن من التنعيم معتمرات «٢»