وهذه الأشياء وإن كانت ناقصة عن المسك، فهى ممدوحة بالطيب، غير مستغنى عن ذكرها في التشبيه؛ فأما زيادته على جميع من تعاطى مدح السواد فقوله:
سوداء لم تنتسب إلى برص الشّقر ولا كلفة ولا بهق «١» والأبيض الشديد البياض معيب، وقد دلّ عليه قوله:
وبعض ما فضّل السواد به ... والحقّ ذو سلّم وذو نفق
ألّا يعيب السّواد حلكته ... وقد يعاب البياض بالبهق «٢»
قوله:«الحق ذو سلّم وذو نفق» أراد أنّ الحقّ يتصرّف في جهات، وضرب الصعود والنزول لذلك مثلا؛ ثم قصد لوصف هذه السوداء بالكمال في الصفة؛ ومن عيب السّودان أن أكفّهم عابسة «٣» متشقّقة، وأطرافهم ليست بناعمة لينة، وكذلك لا يزال الفلح في شفاههم، وهي الشقوق المذمومة الموجودة في أكثر السودان في أوساط الشفاه، وأيضا فإن الأسود مهجو بخبث العرق، فنفى هذه الصفات المذمومة الموجودة في أكثر السودان عنها، فقال:
ل يست من العبس الأكفّ ولا ال ... فلح الشّفاه الخبائث العرق
ثم عاج بخاطره على وصف هذه السوداء بأضداد تلك الصفات المذمومة، فقال:
فى لين سمّورة تخيّرها الفرّاء ... أو لين جيّد الدّلق «٤»