فقال: ويحك! أبادر حبل الوصل أن يتقضّبا. وما أملح الدنيا إذا تمّ الوصل بين عمر والثريا! فقدمنا مكة وأتى باب الثريا، فقالت: والله ما كنت لنا زوّارا، فقال: أجل، ولكن جئت برسالة، يقول لك ابن عمك عمر: ضقت ذرعا بهجرها والكتاب. فلامه عمر، فقال ابن أبى عتيق: إنما رأيتك مبادرا تلتمس رسولا، فخففت في حاجتك، فإنما كان ثوابى أن أشكر.
ووصف ابن أبى عتيق لعمر امرأة من قومه، وذكر جمالا رائعا، وعقلا فائقا، فرآها عمر، فشبّب بها؛ فغضب ابن أبى عتيق وقال: تشبّب بامرأة من قومى؟ فقال عمر:
لا تلمنى عتيق حسبى الّذى بى ... إنّ بى يا عتيق ما قد كفانى
إن بى مضمرا من الحب قد أب ... لى عظامى مكنونه وبرانى
لا تلمنى فأنت زيّنتها لى
فقال ابن أبى عتيق:
أنت مثل الشيطان للانسان
فقال عمر: هكذا وربّ الكعبة قلت.
فقال ابن أبى عتيق: إن شيطانك وربّ القبر ربما ألم بى! وحجّت رملة بنت عبد الله بن خلف أخت طلحة الطلحات، فقال عمر فيها:
أصبح القلب في الحبال رهينا ... مقصدا يوم فارق الظاعينا
ولقد قلت يوم مكة سرّا ... قبل وشك من بينكم نولينا
أنت أهوى العباد قربا وبعدا ... لو تواتين عاشقا محزونا
قاده الحين يوم سرنا إلى الح ... جّ جهارا ولم يخف أن يحينا